الصين وسياستها الناعمة في العالم الإسلامي

الصين وسياستها الناعمة في العالم الإسلامي

يعود مفهوم القوة الناعمة للصين إلى عهد أسرة تشو (1122 قبل الميلاد)، وقد شرح كونفوشيوس، الذي عاش في ذلك الوقت، القوة الناعمة للنخبة الحاكمة في الصين طوال حياته واعتقد أن الحكام يمكنهم تحقيق أهدافهم دون اللجوء إلى إجراءات عنيفة من خلال هذه القوة.

وقبل 1300 عام نقش "بيلج كاغان" التركي على الحجر عبارة يحذر فيها الأمة التركية من مكر الصين وقال: "لا تنخدعوا بالحرير والقماش والمرأة الجميلة والمال الصيني!".

رغم أن الصين خاضت حروبا عدة مع الأتراك وشاركت في الحرب العالمية الأولى والثانية وحتى بعد سقوط الإمبراطورية الصينية ومع وجود النظام الشيوعي في الصين، ما زالت مستمرة في استخدام القوة الناعمة في استعمار الدول، وبعد الاستعمار تبدأ في استخدام قوتها الحقيقية في داخل البلاد.

حينما ننظر إلى العلاقات العربية الصينية نجد أنها تعود إلى عام 651 حيث بعث ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان مبعوثا إلى مدينة تشانغآن، عاصمة الصين آنذاك

أكد الرئيس الصيني "هو جينتاو" السابق في تقريره المقدم إلى المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2007، أن بناء القوة الناعمة الصينية يُعد ضمن الإستراتيجية الوطنية للصين.

ومثالا على ذلك؛ أذكر وأنا في طفولتي كنت أرى بعض عمال النظافة الصينيين يتجولون في شوارع القرى والمدن لجمع القمامة، ويستبدلون الأحذية القديمة مقابل بالونات الأطفال، وكنا نلهو ونركض خلفهم لتخويفهم فإذا بالآخرين يقولون لا عليكم منهم اتركوهم  يعيشون ويسترزقون إنهم خلق لله يبحثون عن لقمة عيشهم خلوا بينهم.

وبعد مدة فهمت أنهم كانوا من رجال المخابرات الصينية وأن تجولهم كان لاستكشاف رد فعل الشعب التركستاني، والآن بعد 73 عاما وقد تم أخذ كل شيء منا، لم يبقَ لنا سوى الندم.

قد كثفت أعمال بناء القوة الناعمة الصينية في عهد الرئيس شي جين بينغ الحالي، حيث أعلن في عام 2014 أنه يجب علينا زيادة القوة الناعمة للصين، وطرح بعض المشاريع للقوة الناعمة مثل الحلم الصيني، والحزام وحلم آسيا والمحيط الهادي، والحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وملاحة طريق الحرير للقرن الحادي والعشرين، ونوع جديد من العلاقات مع الدول الكبرى، وغيرها.

العلاقات الصينية والعربية تعود إلى زمن الخلافة الراشدة

حينما ننظر إلى العلاقات العربية الصينية نجد أنها تعود إلى عام 651 حيث بعث ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- مبعوثا إلى مدينة تشانغآن، عاصمة الصين آنذاك، كانت الصين في ذلك الحين تحت سيطرة الإمبراطور تانغ قاو تسونغ لأسرة تانغ الملكية، وقد التقى مبعوث الإمبراطور الصيني، وأحاطه علما بأحوال دولة الخلافة وأحوال الإسلام وعادات المسلمين، ومن هنا اعتبر المؤرخون هذا العام بداية وصول الإسلام إلى الصين.

كما أورد ابن الأثير في قصة قتيبة بن مسلم الباهلي مع ملك الصين أن يبعث له رجلاً شريفًا يخبره عنهم وعن دينهم، فانتخب قتيبة عشرة وكان منهم هبيرة بن مشمرج الكلابي، فقال لهم: إذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت أن لا أنصرف حتى أطأ بلادهم وأختم ملوكهم وأجبي خراجهم. فخشي الإمبراطور الصيني شوان زونغ من بأس جيش المسلمين وقائدهم قتيبة، فبادر مهرولاً إلى إرسال سفارة إليه مشمولة بهدية عظيمة و4 غلمان من أبناء ملوكهم ثم أجازهم، فأحسن فقدموا على قتيبة، فقبل قتيبة الجزية وختم الغلمان وردهم ووطئ التراب، وهكذا بدأ العلاقات الصينية والعربية بعزة الإسلام وذلة الصينيين.

العلاقات الصينية العربية المعاصرة

استغلال الصين الوضع السياسي والقومي في العالم العربي والإسلامي

تعود العلاقات المعاصرة بين الصين والدول العربية إلى الفترة من نهاية الخمسينيات وحتى بداية ثمانينيات القرن العشرين وكان تأسيس الصين الجديدة واستقلال الدول العربية قد بدأت بعهد جديد للتبادل الودي الصيني العربي، فتمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية البالغ عددها 22 دولة خلال الفترة ما بين عامي 1956 و1990، وكانت الصين تدعم بحزم الحركات التحررية الوطنية العربية، وتدعم بحزم نضال الدول العربية في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية واستعادة وصيانة الحقوق والمصالح القومية، وتدعم بحزم القضايا العربية في تطوير الاقتصاد القومي وبناء الوطن. وفي المقابل، قدمت الدول العربية دعما قويا للصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة وفي قضية تايوان وغيرها.

يما يخص التنمية الزراعية فقد لعبت الصين دورًا مهمًّا في السودان، وذلك لتعزيز دورها في مجال الزراعة بالسودان الغنية بالموارد الزراعية، وإدخال العديد من السلالات الجيدة للقطن والقمح والذرة والفول ودوار الشمس

وعندما أعلن في القاهرة قيام الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 19 سبتمبر/أيلول سنة 1958 اعترفت بها الصين بعد 3 أيام فقط، وأصبحت أول دولة غير عربية تعترف بها، كما أن الصين أول دولة غير عربية اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، وغيرها من المواقف الداعمة للدول والشعوب العربية. وفي المقابل كان الدعم العربي للصين في كافة المحافل الدولية كبيرًا أيضا.

وإذا نظرنا إلى العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية فمصر هي أول دولة عربية أنشأت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة (مايو/أيار 1956)، والسعودية هي آخر دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية (يوليو/تموز 1990).

وما بين مصر والسعودية، جاء ترتيب إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، على النحو التالي: سوريا والعراق أغسطس/آب 1956، اليمن سبتمبر/أيلول 1956، المغرب نوفمبر/تشرين الثاني 1958، الجزائر ديسمبر/كانون الأول 1958، السودان فبراير/شباط 1959، الصومال ديسمبر/كانون الأول 1960، تونس يناير/كانون الثاني 1964، موريتانيا يوليو/تموز 1965، جيبوتي يناير/كانون الثاني 1971، الكويت مارس/آذار 1971، لبنان نوفمبر/تشرين الثاني 1971، الأردن أبريل/نيسان 1977، ليبيا أبريل/نيسان 1978، سلطنة عُمان مايو/أيار 1978، الإمارات نوفمبر/تشرين الثاني 1984، قطر يوليو/تموز 1988، البحرين أبريل/نيسان 1989.

وأقامت الصين العلاقات الدبلوماسية مع دولة فلسطين في نوفمبر/تشرين الثاني 1988 بعد أن أعلن ياسر عرفات قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر.

 عبد الوارث عبد الخالق

 

عبد الوارث عبد الخالق

عبد الوارث عبد الخالق

Yazar
رئيس جمعية تركستان الشرقية للصحافة والإعلام
YORUMLAR
YORUM YAP
0 Yorum bulunmaktadır.