في الوقت الذي تحتفل الصين في كل عام من شهر أيلول بذكرى إعلان التبت منطقة تتمتع بالحكم الذاتي، كان قد تلقى هذا العام التبتيون تهديدا وحشيا من خلال تأكيد أمين الحزب الشيوعي الصيني، تشين ون تشينغ، إنه يجب علاج مواطني قانزو التبتيين بنفس الدواء المستخدم للأويغور.
ورغم إعلان جمهورية الصين الشعبية في البداية كدولة متعددة الثقافات في عام 1949 إلا أن سياسة الحزب الشيوعي عارضت بقوة حقوق وحريات الجماعات العرقية وفرضت قيودًا على الأديان، وتسببت الثورة الثقافية التي خاضها (1966-1976) في الكثير من المظالم ضد الجماعات فتم قمع الدين بشكل خاص، وقد مثلت هذه الانتهاكات المستمرة ورقة ضغط للدول المنافسة للصين مثل الولايات المتحدة أو تلك التي تسعى للحصول على مكاسب اقتصادية مثل تركيا.
جوهر تصريحات تشين هو أن نفس الاضطهاد الذي يتعرض له الأويغور المسلمون في تركستان الشرقية يجب أن يستهدف التبتيين في قانسو والتي يتألف سكانها من أكثر من 50% من الجماعات، بما في ذلك التبتيين ومسلمي الهوي، وكان قد حذر تشين من أولئك الذين يقاومون “إضفاء الطابع الصيني على الإسلام”، وهو بذلك يقصد الذين عارضوا تخريب مساجد الهوي بحجة “إضفاء الطابع الصيني”.
تعد ولاية قانان التبتية ذاتية الحكم موطناً لأكثر من 400 ألف تبتي، يمثلون 57% من السكان، وهو دليل على حقيقة مفادها أن التبت التاريخية دولة أكبر مما قررت الصين أن تسميه منطقة التبت ذاتية الحكم والآن شيزانج، ورغم الإعلان عن تعديل دستوري منذ عام 1965 إلا أن هناك العديد من الممارسات العدائية التي يواجهها التبت من الصين إلى حد اليوم ومنها القمع السياسي حيث يتعرض التبت لقمع سياسي من قبل الحكومة الصينية، وتم تحديد الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للتبتيين.
كما تقوم الصين بسياسة الاستيطان القسري للتبت، وذلك بنقل الصينيين إلى التبت بكميات كبيرة لتغيير التوازن السكاني والثقافي في المنطقة، إضافى لقمع الحريات الدينية من خلال تقييد حرية ممارسة الدين في التبت، حيث يتم تدمير المعابده ومنع التبتيين من ممارسة طقوسهم الدينية بحرية.
وتعمل الصين على توجيه استثمارات اقتصادية كبيرة إلى التبت بهدف تحقيق التحكم الاقتصادي والتسلط على المنطقة. كما يتعرض التبتيون لقمع ثقافي حيث يتم منعهم من ممارسة ثقافتهم ولغتهم الأم بحرية، ويتم تعزيز الثقافة الصينية على حساب الثقافة التبتية.
وبحسب تصريحات شي جين بينغ عن هذه الأعمال فأن بكين تتوقع منهم “خلق بيئة اجتماعية آمنة ومستقرة لتعزيز التحديث على النمط الصيني”، ودعم “الثقافة العلمية”، ومحاربة “الانفصالية” و”الخرافات.
وقد تمكنت الصين من تحسين إتصالاتها الإستراتيجية وإجراء تغييرات ديموغرافية، وتحسين قدرات المراقبة في التبت في السنوات القليلة الماضية، وقد أمرت الحكومة الصينية مؤخراً التبتيين باستبدال المقدسات البوذية للدالاي لاما بالرئيس شي في منازلهم وأُبلغ التبتيون بأن إعاناتهم الحكومية ستتوقف إذا لم يتبعوا الأوامر.
التباطؤ الذي اتسمت به استجابة الأمم المتحدة للكابوس المرير في تركستان الشرقية يزيد الطين بلّة بالنسبة للضحايا والناجين من حملة الحبس والتعذيب والاضطهاد بصورة جماعية التي تشنها الصين ضد الشعب المسلم في تركستان الشرقية منذ عام 2017، رغم فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على الصين نتيجة رفضها للجهود التي يبذلها مسؤولو جمهورية الصين الشعبية لمضايقة أفراد الجماعات العرقية والدينية وترهيبهم ومراقبتهم واختطافهم، بما في ذلك أولئك الذين يلجأون إلى الخارج طلباً للأمان.
كما دعت حكومة جمهورية الصين الشعبية إلى وقف أعمالها القمعية العابرة للحدود، بما في ذلك محاولة إسكات نشطاء إيغور أميركيين، وإيغور آخرين يخدمون الشعب الأميركي، برفضها إعطاء أفراد أسرهم في الصين أذونات خروج.
كاتبة سورية – نور ملحم