كشف أدريان زينز، مدير أبحاث الصين في "مؤسسة ضحايا الشيوعية التذكارية" في الولايات المتحدة والباحث المتخصص الشهير في شؤون الأويغور، في تقرير بحثي جديد نشره الأسبوع الماضي في مجلة "الصين المعاصرة" الأمريكية، أن جانغ تشونشن، سكرتير الحزب السابق في "منطقة الأويغور ذاتية الحكم" كان المصمم الرئيسي للاعتقالات الجماعية التي بدأت في تركستان الشرقية عام 2017، بينما كان تشن تشوانغو هو المنفذ لها. وذكر التقرير أن نموذج الإدارة الذي اتبعته بكين باستمرار في تركستان الشرقية قد تغير في عهد شي جين بينغ، حيث تحول من نمط "التجربة المحلية أولاً، ثم المصادقة المركزية والتشريع" إلى نمط "التحديد من الأعلى، والتجربة من الأسفل، والتشريع المركزي بناءً على النتائج".
ملاحظة للقارئ الكريم
إن مصطلحات "القضاء على التطرف الديني" و"معسكرات إعادة التأهيل" و"التدريب المهني" و"التوظيف" وغيرها من المصطلحات التي يستخدمها النظام الصيني ما هي إلا مصطلحات يستخدمها كستار لإخفاء جرائمه وتضليل المجتمع الدولي، وليس لها أي صلة بالواقع.
الأويغور هم ضحايا لهذه الجرائم التي تُنفذ تحت شعارات مختلفة.(م)
وأشار أدريان زينز إلى أن هذا النموذج دفع سلطات تركستان الشرقية المحتلة إلى تطوير أشكال محلية من "القضاء على التطرف" على نطاق واسع في ما يسمى بمعسكرات إعادة التأهيل.
وفي هذا التقرير، قدم أدريان زينز لأول مرة شرحاً نظرياً للمراحل السياسية التي مهدت الطريق للحكومة الصينية لاعتقال الأويغور على نطاق واسع ووضعهم في "معسكرات إعادة التأهيل" تحت اسم "القضاء على التطرف الديني" بدءاً من عام 2017، وذلك من خلال تجارب سياسية متواصلة في تركستان الشرقية منذ عام 2000. ووفقاً لزينز، فإن الاعتقالات الجماعية للأويغور من قبل بكين تشكلت خلال عملية تجريب "نماذج قمعية مبتكرة" محلية، مما أدى إلى إنشاء "نماذج إبداعية" لقمع الاحتجاجات في المنطقة تحت مسمى "التطرف الديني" و"تهديد أمن الدولة".
وذكر أدريان زينز في تقريره المعنون "القمع الإبداعي: التجربة السياسية وتطور حركة إعادة التأهيل في شينجيانغ من قبل بكين"، أنه على الرغم من أن محيط تركستان الشرقية حساس للغاية من الناحية السياسية، إلا أن بكين "اختبرت أشكالاً من التجارب السياسية لتعزيز نماذج التنمية المحلية للقضاء على التطرف على نطاق واسع في معسكرات إعادة التأهيل" بتوجيه من المناصب العليا في الحكومة المركزية.
وبمناسبة هذا التقرير، قامت إذاعة آسيا الحرة بزيارة خاصة لأدريان زينز في 24 فبراير. وخلال الزيارة، أوضح زينز أن شينجيانغ أي تركستان الشرقية بدأت في الواقع خطة تحضيرية منهجية للقضاء على "التطرف الديني" بين الأويغور منذ عام 2013، أي في عهد جانغ تشونشن. وقال زينز: "في عام 2013، حددت شينجيانغ خطوات منهجية للتخلص من الأويغور مما يسمى بـ'التطرف الديني'، وبدأت في القضاء الحتمي على 'التطرف الديني' بين الأويغور. ويؤكد ذلك التوجيه السري لشي جين بينغ في اجتماع 'عمل شينجيانغ' عام 2024. ونتيجة لذلك، شهدنا إنشاء أول 'مركز للتغيير من خلال التعليم' في المنطقة بعد بضعة أشهر من خطاب شي جين بينغ. كان هذا المركز أداة جديدة مركزية للـ'القضاء على التطرف من خلال التعليم'."
وأشار زينز إلى أن هذه العملية التي بدأت في عام 2013 "مرت بعدة مراحل قبل أن تؤدي إلى الاعتقالات الجماعية في أوائل عام 2017".
وذكر التقرير أنه على الرغم من اعتبار تشن تشوانغو، سكرتير الحزب السابق في منطقة الأويغور ذاتية الحكم الذي تم نقله إلى تركستان الشرقية في عام 2016، "المصمم الرئيسي" للاعتقالات الجماعية بسبب دوره المحوري في تنفيذ هذا القمع، إلا أن المصمم الأساسي كان في الواقع جانغ تشونشن. ويشير التقرير إلى أن تشن تشوانغو كان المنفذ لخطة "القضاء على التطرف" بين الأويغور التي وضعها جانغ تشونشن. وعلى الرغم من أن جانغ تشونشن كان معروفاً في ذلك الوقت بين العديد من أفراد مجتمع الأويغور كمسؤول صيني "معتدل"، إلا أن زيارته الخاصة للمناطق التي يسكنها الهنود الأمريكيون الأصليون أثناء زيارته للولايات المتحدة في عام 2011 ولقاءاته مع بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي أثارت استياء المنظمات الأويغورية.
ومع ذلك، وفقاً لملاحظة زينز، فإن الأدلة تشير إلى أن الاعتقالات الجماعية للأويغور في عام 2017 كانت نتاج عملية بدأت في عام 2009، لكنه لم يلاحظ ارتباط بعض الحوادث المنفصلة التي وقعت خلال هذه العملية، أي في 2013 و2014 و2015، والتي اعتبرتها الحكومة الصينية "هجمات إرهابية"، بالاعتقالات الجماعية.
وقال أدريان زينز: "تبدو كأنها عملية. ويتضح ذلك من تصريحات مسؤولي الأويغور في شينجيانغ حول هذا الأمر وضرورته في عامي 2012 و2013. من الواضح جداً أن شي جين بينغ أقر هذه العملية، وقد أعرب عن قلقه الخاص من الوضع. هذا ما تشير إليه الأدلة التي حصلت عليها. باختصار، إنها عملية يبدو أنها بدأت منذ عام 2009. لكنني لم ألاحظ ارتباطها بالحوادث المنفصلة التي وقعت خلال هذه الفترة."
ويؤكد أدريان زينز أن تجربة تغيير سياسة القمع في منطقة الأويغور كانت قد بدأت بالفعل في عهد جانغ تشونشن. وقال زينز: "ما يمكننا معرفته من هذه العملية هو أن التدابير الرئيسية لـ'إعادة التأهيل'، بما في ذلك كيفية تنفيذها، وكذلك إجراء 'إعادة التأهيل' في مرافق خاصة مركزية، أي المعسكرات، قد استقرت بالفعل منذ عام 2015. وفي ذلك الوقت، كانت هذه المرافق تسمى 'مراكز إعادة تأهيل المهارات المهنية'. وكان جانغ تشونشن مسؤولاً عن ذلك. هذه 'النماذج السياسية' للقمع في هذه العملية كانت قد وضعت بالفعل في عهد جانغ تشونشن."
ويذكر التقرير أن برنامج نقل وتوزيع القوى العاملة الأويغورية المرتبط بـ "مراكز تدريب المهارات المهنية" في الصين قد وضع لمعالجة الفجوة في نظام "التغيير من خلال العمل" الذي طالما استمر في الصين، أي لحل مشكلة نقص القوى العاملة. وأشار أدريان زينز إلى أن هذين النظامين مترابطان في الواقع. وقال زينز: "إنهما مترابطان. لقد ذكرت في التقرير أن معسكرات 'إعادة التأهيل' في تركستان الشرقية هي شكل محدث ومعزز من نظام 'التغيير من خلال العمل' الذي كان موجوداً سابقاً في الصين."
ووفقاً للتقرير، كان اجتماع "عمل شينجيانغ" الثاني الذي عقدته الحكومة الصينية في عام 2014 أحد نقاط التحول الحاسمة في طريقها نحو إعطاء الضوء الأخضر للاعتقالات الجماعية في عام 2017. ويذكر التقرير أن شي جين بينغ قال في ذلك الاجتماع: "التوجه السياسي الأساسي للحكومة المركزية في عمل شينجيانغ أصبح واضحاً... المشكلة الرئيسية الآن هي توحيد الفهم والعمل."
وفي ذلك الاجتماع، قال أيضاً يو تشنغشينغ، رئيس مجلس الدولة السياسي الصيني ومسؤول "مجموعة القيادة المركزية لعمل شينجيانغ" في ذلك الوقت: "تم تحديد التوجه الأساسي للحكومة المركزية في عمل شينجيانغ، والمسألة الرئيسية الآن هي اغتنام الفرصة والتنفيذ."
ووفقاً لزينز، على الرغم من تردد السلطات المحلية في ذلك الوقت في كيفية اختبار "نماذج" القمع، إلا أن حكومة بكين راقبت الوضع عن كثب وقدمت توجيهات واضحة بشأن تنفيذه. وقال زينز: "تم إبلاغ الحكومة المركزية عن كثب بالوضع وأقرت هذه التدابير. أي أنها حصلت على موافقة الحكومة المركزية. لدينا أدلة على ذلك من 'وثائق شرطة شينجيانغ'."
ووفقاً لتقرير أدريان زينز المعنون "القمع الإبداعي: التجربة السياسية وتطور حركة إعادة التأهيل في شينجيانغ من قبل بكين"، "على الرغم من أن بكين راقبت تطور 'مراكز تدريب المهارات المهنية' وتنفيذها، إلا أنها شجعت السلطات المحلية على اختبار وتطبيق 'نماذج القمع المحلية' وتحقيق أكثر النتائج فعالية ضد أهداف القمع المعتقلة".
وفي ختام هذا التقرير الضخم، ذُكر: "قضية شينجيانغ هي تجربة سياسية على 'النماذج الإبداعية للقمع' التي أجريت تحت قيادة شي جين بينغ، وهذا يمكّن تطوير أساليب أمنية للجيل القادم. وأظهر ذلك أنه في وقت تتزايد فيه صرامة قيادة شي جين بينغ، فإن الحزب الشيوعي لا يزال يمتلك القدرة على استخدام طابعه الموروث من فترة الثورة عندما يواجه منافسة. ويعكس هذا أن مركزية السلطة تحت حكم شخص واحد مرة أخرى من قبل شي جين بينغ لا تضعف القوة الكامنة لنظامه في إبداع 'نماذج سياسية إبداعية' في القمع."
المصدر: إذاعة أسيا الحرة
م: عرفان أوتكور